تداعيات المواجهات الإسرائيلية – الإيرانية على اليمن

فؤاد مسعد | 5 يوليو 2025 12:01
تداعيات المواجهات الإسرائيلية – الإيرانية على اليمن

 

تمهيد

شهدت المنطقة في يونيو الماضي تطورًا نوعيًا خطيرًا تمثل في اندلاع أول مواجهة عسكرية مباشرة بين إسرائيل وإيران، بعد قيام الأولى باستهداف المنشئات النووية لدى الثانية، ثم اغتيال عدد من العلماء والقادة العسكريين والأمنيين في دلالة واضحة على عمق الاختراق الإسرائيلي لمنظومة الأمن والمخابرات الإيرانية.

وتجلت صورة الاختراق بشكل أكثر وضوحاً حينما تبين أن الموساد الإسرائيلي تمكن- عبر عملائه المنتشرين في مختلف المؤسسات الإيرانية- من بناء وتشييد مصانع للطائرات المسيرة، هي التي تولت مهاجمة الأهداف الإيرانية منذ الساعات الأولى للهجوم الإسرائيلي فجر الـ13 من يونيو/حزيران الماضي.

أطلقت إسرائيل على هجماتها اسم "الأسد الصاعد"، بينما أسمت طهران ردودها على تل أبيب "الوعد الصادق3"، وقد استخدمت الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة، مستهدفة مواقع عسكرية وأمنية وسكنية في مناطق عدة من إسرائيل، أبرزها تل أبيب.

توقفت المواجهات بضغوط دولية ووساطة أمريكية، غير أن التداعيات لا زالت مستمرة، ما يعني أن المواجهة ستمتد إلى مناطق النفوذ والوكلاء، ومنها اليمن التي تسيطر جماعة الحوثي المسلحة المدعومة إيرانياً على غالبية المحافظات الواقعة شمال وغرب البلاد بما فيها العاصمة صنعاء، الأمر الذي يجعلها مرشحة لأن تكون مسرحاً مفتوحاً لاختبار أدوات الردع الإيراني، وتوسيع رقعة المواجهة.

تتناول هذه الدراسة تداعيات المواجهات الإيرانية- الإسرائيلية على الوضع في اليمن سياسياً وعسكرياً، بما في ذلك احتمال توسع المواجهات، بالنظر إلى التأثيرات المباشرة وغير المباشرة لتلك المواجهات، كما تسلط الدراسة الضوء على السيناريوهات المحتملة وتأثير كل سيناريو على الوضع في اليمن.

 

النفوذ الإيراني في اليمن والبحر الأحمر

منذ نشوب الحرب اليمنية قبل أكثر من عشر سنوات بدأت إيران توظيف حركة الحوثيين ضمن أجندتها الخارجية الرامية لتعزيز موقفها التفاوضي في مواجهة الغرب من ناحية، وتعزيز مناطق نفوذها الجديدة، خاصة في البحر الأحمر وباب المندب في مواجهة خصومها الإقليميين من ناحية ثانية.

وتصاعد التهديد الحوثي ضد حركة الملاحة البحرية منذ العام 2018، ففي يوليو/ تموز هاجم الحوثيون ناقلتي نفط سعوديتين، الأمر الذي جعل السعودية، وهي أكبر مصدّر للنفط الخام في العالم، تعلن تعليق شحن النفط عبر باب المندب، وأعقب الحوثيون هجومهم بالتهديد بإغلاق مضيق باب المندب أمام حركة الملاحة، وهو التهديد الذي حمله كثيرون على محمل الجد، وعدّوه تهديداً إيرانياً. سيما وأن التهديد الحوثي تزامن معه تهديد إيراني بإغلاق مضيق هرمز، إذا تم منعها من تصدير النفط. وذلك رداً على توعد الولايات المتحدة – إثر انسحابها من الاتفاق النووي الموقع مع إيران في العام 2015- بمنع إيران من تصدير النفط، وذلك إبان ولاية ترامب الأولى.

وقد أعطى هذا التزامن بين التهديدين (الحوثي بإغلاق مضيق باب المندب، والإيراني بإغلاق مضيق هرمز)، مؤشراً واضحاً للقوى الإقليمية والدولية مفاده أن طهران تستخدم الحوثيين لتحقيق أهدافها في توسيع سيطرتها وحماية مصالحها.

وتوالت ردود الفعل الإقليمية والدولية على التهديدات الحوثية والإيرانية في المنطقة، ففي يناير/كانون 2020 أُعلن في الرياض عن إنشاء "مجلس الدول العربية والإفريقية المطلة على البحر الأحمر وخليج عدن"، وضم 8 دول عربية وإفريقية، هي: السعودية، مصر، الأردن، السودان، اليمن، إرتيريا، الصومال، جيبوتي. ووفقاً لبيان التأسيس فإن المجلس يأتي "استشعارًا بأهمية التنسيق والتشاور حول الممر المائي باعتبار البحر الأحمر المعبر الرئيسي لدول شرق آسيا وأوروبا".[1]

وجاء الإعلان عن المجلس بعد أيام قليلة على التوتر المتصاعد الذي شهدته المنطقة في ظل التهديدات المتبادلة بين واشنطن وطهران التي توعدت بالانتقام لمقتل قائد فيلق القدس قاسم سليماني في غارة أمريكية بالعراق، ثم مشاركة إيران في مناورات بحرية ثلاثية مع روسيا والصين في خليج عُمان والمحيط الهادي، الأمر الذي يرجح وضع مؤسسي المجلس الجديد التهديدات الإيرانية بعين الاعتبار، خاصة في ظل تحركات إيران وحلفائها الحوثيين في البحر الأحمر، بالقرب من الممر المائي الدولي مضيق باب المندب[2].

إيران التي تقف على الجانب الآخر من الخليج العربي وتدعم الحوثيين في البحر الأحمر، لم تكن بعيدة عن التطورات السياسية والعسكرية في المنطقة، فهي تأمل في بسط نفوذها على باب المندب من خلال الحوثيين، الأمر الذي يجعلها في موضع الاتهام بنقل صراعاتها مع دول الخليج العربي، إلى باب المندب بعد هيمنتها على مضيق هرمز[3]، لذلك فقد رأت أن هذا "الكيان الجديد يعمل في إطار تحالف مشروع الهيمنة الغربية وحماية المصالح الإسرائيلية، حتى وإن لم تشارك دولة الكيان الإسرائيلي في هذا التحالف بشكل مباشر"[4].

 ولم يكن تفعيل الحوثيين من قبل إيران مفاجئاً، بل كان نتاجاً لسنوات طويلة من الدعم والإعداد بمختلف أنواع الأسلحة، حتى تمكنت الحركة الحوثية من الانتقال من جماعة منبوذة متمردة في أطراف جبال اليمن الشمالية، إلى حركة تسيطر على العاصمة وأكثر من نصف المحافظات اليمنية منذ أكثر من عشر سنوات.

وكلما واجهت طهران خطراً جديداً سارعت لتحريك ذراعها في اليمن، سيما بعدما أفضت التطورات الأخيرة نهاية العام الماضي إلى تدمير أبرز حلفاء إيران في المنطقة وأذرعها القوية، ممثلة بنظام الأسد الذي كان يحكم سوريا قبل انتصار الثورة السورية في ديسمبر/كانون أول 2024، وحزب الله اللبناني الذي قضت إسرائيل على عدد كبير من قياداته وعناصره ودمرت مخازن أسلحته منذ سبتمبر /أيول الماضي. وهو ما يؤكد أن اعتماد إيران على الحوثيين بات يشكل الخيار الرئيسي، وهو ما ظهر في المواجهات الأخيرة عندما انفرد الحوثيون بإسناد إيران بعدة هجمات صاروخية ضد إسرائيل.

 

 النتائج المباشرة للمواجهات الإسرائيلية- الإيرانية على اليمن

  • احتقان سياسي وتصعيد عسكري

على الرغم من تعرض إيران لانتكاسات متتالية خلال المواجهات الخاطفة مع إسرائيل في النصف الثاني من الشهر الماضي، إلا أنها فضلت إظهار نفسها منتصرة، وبعد ساعات من بدء سريان اتفاق تهدئة غير معلن باشرت طهران الدعوة للاحتفال بالنصر على إسرائيل التي كانت هي الأخرى تحتفل بنصرها على إيران.

تماهى الخطاب السياسي والإعلامي للحوثيين- كالعادة- مع الخطاب الإيراني، وتحدثت قياداته ووسائل إعلامهم عن الانتصار الإيراني على إسرائيل، وهم يعدون انتصار إيران- الذي لم يتحقق أصلاً- انتصاراً لهم باعتبارهم وكلاءها وأقوى أذرعتها في الوقت الراهن.

وبالتزامن مع محاولات الحوثيين تصوير ما جرى باعتباره انتصاراً للمحور الذي ينتسبون إليه، تسيطر على الوضع السياسي اليمني حالة من التوتر والقلق وكثير من الاحتقان، إذ لا مبشرات تبدو في الأفق، فالمفاوضات شبه معطلة، والتسوية المرتقبة ضلت طريقها، ولا يزال الترقب يسود الأجواء. وقد تراجعت الجهود الأممية والدولية الرامية لتفعيل المفاوضات بين الأطراف اليمنية تبعاً لتطورات المشهد الإقليمي والدولي، ووجد الحوثيون أنفسهم في خضم مواجهة اختاروا لها التوقيت المناسب، وباتوا يعدون أنفسهم قوة فاعلة ليس على مستوى اليمن، ولكن على مستوى الإقليم، خاصة بعدما توصلوا – عبر التفاوض غير المعلن– إلى تفاهم مع الإدارة الأمريكية قضى بخفض التصعيد، وهو التفاهم الذي أعلنه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في مايو/أيار الماضي.

في الوقت الراهن يستخدم الحوثيون لغة التهديد وإقلاق الأمن والسلم إقليمياً ودولياً، سيما وأنهم لا يزالون يهددون باستخدام القوة لإيقاف حركة التجارة والملاحة الدولية في البحر  الأحمر وباب المندب، وبالتالي فهم يتوقعون أن تتعامل معهم دول الإقليم- وفق هذه التهديدات، ما يعني أن بمقدورهم طرح اشتراطاتهم لإبرام أي اتفاق سواء داخلي مع الأطراف اليمنية أو خارجي مع دول الخليج العربي، مع أنهم يؤثرون السير في الخيار الثاني، خيار المفاوضات الخارجية التي يقدمون أنفسهم من خلالها ممثلين وحيدين وحصريين لليمن،  فيما بقية الأطراف مجرد مجموعات من العملاء والمرتزقة.

ومع أن التطورات التي شهدتها المنطقة في الفترة الماضية سارت في الاتجاه المعاكس لرغبة الحوثيين ومحورهم الذي تقوده طهران إلا أنهم لا يزالون يرون أن ما شهده حزب الله ونظام الأسد لا ينطبق عليهم، بدليل أنهم لا يزالون يمسكون مقاليد السيطرة في شمال اليمن، ولا يزال بمقدورهم إطلاق الصواريخ ضد إسرائيل، وإذا لم يتم التعامل معهم من هذه الرؤية فإنهم سيحاولون إثبات وجودهم وجدارتهم باستفزاز جبهات التماس بينهم وبين القوات الحكومية في عدة محافظات، ومنها مأرب والضالع وتعز، حيث تصدر عنهم إشارات – بين فترة وأخرى- ترجح أنهم يميلون إلى التصعيد كلما رأوا أنه سيكون في صالحهم، سيما إذا ما أبدت الأطراف المحلية والوسطاء الإقليميون حرصهم على استبعاد خيار المواجهة العسكرية في ظل ما يشهده الإقليم من توترات متسارعة.

  • إعادة تشكيل التحالفات المحلية والإقليمية

من المتوقع أن تسفر المواجهات التي اندلعت بين طهران وتل أبيب إلى تشكيل/ وإعادة تشكيل التحالفات بناء على الحقائق الجديدة والمستجدات الراهنة، وخلال الفترة الماضية كان الحوثيون قد استمالوا – عاطفياً على الأقل جانباً من القاعدة الشعبية لخصومهم باعتبارهم الوحيدين الذين تولوا الدفاع عن غزة ومناصرتها في الحرب التي تشنها عليها إسرائيل منذ قرابة عامين، غير  أن التحول المهم لدى خصوم الحوثيين تمثل في توصل فصيلين سياسيين في الحكومة الشرعية، هما المجلس الانتقالي ومكتب المقاومة الوطنية لتفاهم حول القواسم المشتركة، وسواء أكان بذلك بإيعاز من أبوظبي التي تدعم وتمول الفصيلين أو بقرار  محلي لكل منهما، فإنه يدل على محاولة استعادة الإمارات بعض حضورها، ولو بشكل تقارب حلفائها المحليين، الأمر الذي يعزز نفوذها بعد سنوات من التراجع لصالح النفوذ والحضور السعودي، سيما في جنوب وشرق اليمن.

وفي السياق ذاته أظهرت مفاوضات فتح طريق صنعاء- عدن، في منطقة المواجهات مع الحوثيين بالضالع مدى حضور القيادات التابعة للإمارات في المجلس الانتقالي، وهي الموجودة ضمن عدة فصائل متحالفة في تلك الجبهة ضد الحوثيين، وكانت قيادات الانتقالي حريصة على التأكيد أنها صاحبة القول الفصل في هذا الموضوع.

وفي الساحل الغربي للبلاد حيث تسيطر "المقاومة الوطنية" الفصيل الآخر المدعوم من أبوظبي أبدى قائد المقاومة هناك العميد طارق محمد صالح، رغبته في الظهور باعتباره مؤسساً لنشاط تنموي يهدف لتقديم الخدمات للمواطنين هناك، مع إشارته- في تصريحات متزامنة- إلى أن قرار الحرب ليس في أيدي اليمنيين، وفي مجمل تلك المظاهر والمستجدات ثمة ما يشير إلى إمكانية التحول من تحالف الحرب على الحوثيين- كما كان في البداية – إلى تحالفات جديدة تهدف لتطبيع الحياة بفتح الطرقات التي أغلقتها الحرب سنوات طويلة.

خارجياً وعلى مستوى الإقليم أظهرت دول الخليج العربي موقفاً موحداً تجاه مختلف التطورات والمستجدات، خاصة الدول الثلاث المحورية: السعودية وقطر والإمارات، فالدول نفسها استقبلت الرئيس الأمريكي في زيارته للمنطقة في مايو الماضي، وكان لها موقف موحد تجاه الهجمات الإسرائيلية على إيران، تمثل في إدانة الهجمات، كذلك بدت موحدة ضد الهجوم الإيراني على قاعدة العديد الجوية في قطر.

ومع ذلك لا يزال هناك بعض التباين في إدارة كثير من الملفات بما فيها الملف اليمني، ومواجهة الحوثيين، ما يشير إلى احتمال تشكيل أو إعادة تشكيل التحالفات -إذا قضت الضرورة- بما يناسب رؤية كل طرف للطريقة المناسبة في إنهاء الحرب اليمنية وبما يؤدي إلى كبح جماح التهديدات الإيرانية- ولو من خلال حلفائها الحوثيين، سيما وأن المواجهات مع إسرائيل تحفز إيران أكثر للتصعيد في مواجهة خصومها الخليجيين، وتأجيل المواجهة مع الولايات المتحدة وإسرائيل إلى وقت آخر، بعدما تجلى لحكام طهران أن قدرتهم على المواجهة كانت أقل بكثير من مستوى تهديداتهم بالقضاء على إسرائيل.

وبالقدر الذي ظهرت إيران عاجزة عن مجاراة الأداء الإسرائيلي خلال المواجهات، فإنها لا زالت قادرة على إلحاق الضرر بخصومها الخليجيين، باستخدام ما تملكه من ترسانة أسلحة وبما لدى حلفائها الحوثيين الذين سبق لهم استهداف السعودية والإمارات بعدة هجمات صاروخية في السنوات الماضية.

 

ويمكن رصد أهم النتائج والتداعيات المباشرة للمواجهات الإسرائيلية- الإيرانية على المشهد اليمني:

  • على الصعيد السياسي: رغم انكفاء الحوثيين تبعاً للانتكاسة الإيرانية لكنهم يحاولون تقديم أنفسهم ممثلين إقليميين لمحور المقاومة بعد سقوط نظام الأسد والقضاء على قوة حزب الله اللبناني وأغلب قياداته، وهذا سيزيد من تعقيدات المشهد السياسي، بما في ذلك المفاوضات أو أي جهود متوقعة. خاصة وأن الحوثيين يرون أنهم باتوا يمثلون (محور المقاومة) في المواجهة مع إسرائيل وحلفائها، ولن يترددوا عن وصف خصومهم من اليمنيين والخليجيين ب"عملاء إسرائيل"، وهو ما يفتح شهيتهم لاستئناف الصراع في أي لحظة.
  • على الصعيد العسكري: استطاعت إيران تجربة منظوماتها التسليحية الجديدة عبر الحوثيين، وتوسعت عملياتهم نحو البحر وخارج الحدود، وهذا يضاعف عوامل القلق والتوتر في المنطقة.
  •  

الجدول الزمني لأبرز الأحداث خلال المواجهات العسكرية بين إسرائيل وإيران

م

الحدث

التأريخ

١-

إسرائيل تنفذ ضربات جوية مفاجئة على عدد من المنشئات النووية الإيرانية وتغتال قيادات عسكرية بارزة في الجيش والحرس الثوري الإيراني.

13 يونيو 2025

٢-

إيران ترد بصواريخ باليستية وطائرات مسيّرة نحو عدة مناطق في إسرائيل.

13 يونيو 2025

٣-

تصاعد الهجمات المتبادلة؛ سقوط صواريخ إيرانية قرب ديمونا ومفاعل سوريك.

15 يونيو2025

٤-

البحرية الإيرانية تعترض ناقلة يشتبه بارتباطها بإسرائيل في خليج عمان.

16 يونيو2025

٥-

إطلاق دفعة جديدة من الصواريخ من إيران، تصيب منشأة عسكرية في النقب واستمرار الهجمات الإسرائيلية على المنشئات الإيرانية.

19 يونيو2025

٦-

الولايات المتحدة تُعلن استهداف المنشئات النووية الإيرانية مستخدمة قاذفات بي-2.

22يونيو2025

٧-

وساطة أمريكية تؤدي إلى تهدئة مؤقتة وغير معلنة.

24 يونيو2025

                       

 

سيناريوهات مستقبلية وتأثيراتها على اليمن

في ضوء ما سبق يمكن استنتاج أهم ثلاثة سيناريوهات لمستقبل المواجهات الإسرائيلية- الإيرانية، وانعكاس كل سيناريو على المشهد اليمني:

  • التصعيد الشامل والمفتوح بين إيران وإسرائيل:

يؤدي فشل التهدئة إلى اندلاع حرب إقليمية واسعة تدفع طهران للاستعانة بوكلائها في المنطقة، وفي مقدمتهم الحوثيين، الذين سيعملون على توسيع تطاق هجماتهم البحرية والجوية من مناطق سيطرتهم في اليمن، ضد أهداف إسرائيلية وأمريكية، وكذلك خليجية، باعتبار دول الخليج حليفة للولايات المتحدة وإسرائيل وفق الرؤية الإيرانية. وفي هذه الحالة سيكون الرد الأمريكي والإسرائيلي الذي يستهدف المنشئات اليمنية أكثر خطورة وفاعلية، وهو ما يعني عسكرة اليمن وتحويلها لمسرح الصراع الأوسع.

  • صراع الوكلاء (حرب باردة):

عودة الصراع بشكل غير مباشر، وفي إطار محدود من خلال الوكلاء والجماعات الموالية لإيران، التي ستكون حريصة على إثبات حُسن نواياها تجاه الأمن والسلام من جهة، وعلى إظهار قوتها ونفوذها- عبر الحلفاء والأذرع في العراق واليمن من جهة ثانية، وهنا سيبقى الحوثيون أدوات فاعلة في التأثير على حركة الملاحة البحرية وتهديد دول الخليج بالصواريخ والطائرات المسيرة، وبعضها جرى اختبارها في المواجهات مع إسرائيل خلال الأيام والأسابيع الماضية. وهذا سيبقي حالة التوتر الأمني والتدهور الاقتصادي مستمرة وسائدة باستمرار هذا الصراع والاشتباك غير المباشر، مالم يشهد المسرح اليمني الداخلي تغيرات وتطورات من شأنها إحداث أثر بارز على مستوى اليمن.

  • تسوية سياسية (مؤقتة):

نجاح الجهود الدولية في فرض تسوية مرحلية بين الإيرانيين والإسرائيليين، عبر المفاوضات المعززة بضمانات دولية، يؤدي إلى وقف التصعيد بين الطرفين، وإن بشكل مؤقت، وفي هذه الحالة سيتراجع التهديد الحوثي لحركة الملاحة ومرور السفن التجارية، وربما تكون الظروف ملائمة لتحريك عجلة المفاوضات والحوار اليمني، بين الحوثيين وخصومهم، بدعم ووساطة إقليمية ودولية ترعاها الأمم المتحدة، وسيكون نجاحها محدوداً ورهناً بما يستجد على الساحة الإقليمية والدولية، بالإضافة إلى أن حدوث تغير في موازين القوى عسكرياً وسياسياً داخل المشهد اليمني يبقى احتمالاً وارداً، وهو سيكون الأقدر على رسم خطوط المواجهة وحدودها، بعيداً عن جولات التفاوض المتقطعة والتي تسير برتابة، وتبدو غير منسجمة مع المطالب الأساسية للحكومة المعترف بها دولياً وحلفائها في الداخل والخارج.

 

 

 

المراجع:


[1]  توقيع ميثاق مجلس الدول العربية والإفريقية المطلة على البحر الأحمر وخليج عدن، سي ان ان عربية، يناير 2020، على الرابط: https://arabic.cnn.com/middle-east/article/2020/01/06/saudi-arabic-arab-and-african-council-red-sea-and-gulf-aden .

[2]  فؤاد مسعد، القوى الإقليمية والدولية في باب المندب، عوامل التنافس وتداعيات الصراع، مركز أبعاد للدراسات والبحوث، أغسطس 2023.

[3] إكرام زيادة، أهمية باب المندب والقرن الأفريقي خلال النزاعات والحروب الدولية، المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات، على الرابط: . https://www.europarabct.com/?p=91675

[4]  عباس عبدالله، الصراع الدولي والإقليمي في البحر الأحمر وباب المندب بعد ظهور الكيان الصهيوني، مجلة (فصلية طهران لدراسات السياسة الخارجية)، معهد الدراسات والبحوث الإيراني، على الرابط: https://tfpsq.net/ar/post.php?id=214 .

نشر :