
مدخل
عندما بدأ التحالف العربي الذي تقوده المملكة العربية السعودية التدخل في اليمن دعماً للحكومة المعترف بها دولياً في مارس/أذار2015م، قَدم الدبلوماسيون والمسؤولون السعوديون وعوداً لحلفاء المملكة الغربيين عدة أسابيع لجلب جماعة الحوثي إلى طاولة المفاوضات مع الحكومة وفقاً لشروط الحكومة الشرعية. في ذلك الوقت كان الخبراء والمتابعون العسكريون يخشون أن تغرق المملكة في حرب اليمن وأن تستمر الحرب سنوات، إذ أن إعلان نهاية الحرب أصعب بكثير من إعلان بدئها فمن غير المتوقع متى تنتهي الحرب. وباستراتيجية ناقصة تقوم على مجموعة من التكتيكات والكثير من المخاوف تدخل السعودية العام السادس من الحرب في اليمن.
التطورات الأخيرة بين (18يناير/كانون الثاني2020 وفبراير/شباط2020) بتقدم الحوثيين في شرق صنعاء ومحاولة الوصول إلى مركز محافظتي مأرب والجوف في ظل حالة الانقسام داخل معسكر التحالف، تكشف جزءاً لما يمكن أن يفعله إطالة أمد الحرب، قد تعيد الأوضاع إلى ما قبل حدوثها. فمن الواضح أن الحوثيين يسعون إلى أن تكون الخريطة العسكرية مثل تلك التي كانت موجودة في يناير/كانون الثاني2015، أي بعد أشهر من سيطرتهم على العاصمة اليمنية صنعاء ومعظم المحافظات الشمالية. تمهيداً للاستجابة إلى دعوات ومطالبات الأمم المتحدة بالدخول في مشاورات شاملة لإنهاء الحرب في البلاد.
تقييم حالة الحرب والسلام في اليمن مع مطلع عام 2020 ستتطرق إلى: خطوط الحرب بين الحوثيين والحكومة المعترف بها دولياً، والانقسامات في معسكر الحكومة والتحالف، والدعوات الأممية للمشاورات مع فشل اتفاق "ستوكهولم". إضافة إلى المشاورات الخلفية التي تُدار في مسقط بين السعودية والحوثيين.
خطوط الحرب الجديدة:
شهد عام 2019 تغيرات مهمة للغاية منها: إعلان الإمارات مغادرة الحرب في اليمن وتسلم السعودية مقر إدارة التحالف في مدينة عدن -عاصمة البلاد المؤقتة - وتسلم نائب وزير الدفاع الأمير خالد بن سلمان (شقيق ولي العهد) الملف اليمني. وبدأت المملكة مشاورات مع الحوثيين عقب استهداف منشآت نفط سعودية حيوية أدت إلى وقف مؤقت لنصف صادرات السعودية من النفط. كما أن خطوط الحرب ظلت على حالها منذ 2018 دون تغير كبير يُذكر. ومع مطلع 2020 بدأ الحوثيون شن هجمات كبيرة على القوات الحكومية ( الجيش الوطني) بإحداث تقدم شرق صنعاء في مديرية نهم، والتقدم باتجاه مركز محافظتي مأرب والجوف، مركز العمق القبلي المؤيد للحكومة المعترف بها دولياً. لكن ذلك كان في نهاية المطاف نتيجة تغيّر في استراتيجية التحالف والحكومة للحرب على النحو التالي:
ووقف إطلاق النار كان تحت إشراف بعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة [UNMHA] والتي بدأت عملها في يناير/كانون الثاني 2019 وتم تجديد ولايتها لمدة ستة أشهر أخرى في 13 يناير/كانون الثاني 2020. وخلال عام واحد تم ترأس البعثة ثلاثة من موظفي الأمم المتحدة. ولم تحقق تقدم في مراقبة وقف إطلاق النار إلا في أكتوبر/تشرين الأول2019 بإنشاء خمسة مراكز يسهل من خلاله نقل البضائع بين الميناء والطرق المؤدية إلى الداخل والخارج. ولم يحدث تقدم بشأن "إعادة نشر القوات" و"تسليم الموانئ الثلاثة (الحديدة، رأس عيسى، الصليف) إلى قوة أمن محلية، وإدارة عائدات الموانئ". وعلى الرغم من أن الأمم المتحدة تتحدث عن تقدم في الاتفاق بعد عام على توقيعه إلا أن "اتفاق ستوكهولم" من ثلاث أوراق فقط ويمكن ملاحظة أي تقدم إن وجد. فالصيغة التي كُتب بها الاتفاق سمحت بالطبع لكل طرف بتفسير الموقف كما يشاء وهذا ما حدث.
حصل باحثون في مركز أبعاد للدراسات والبحوث على معلومات خاصة حول الصاروخ الذي استهدف معسكر الاستقبال في مأرب " تظهر أنه صاروخ بالستي مداه بين (110 إلى 150 كم) طوله لا يقل عن أربعة أمتار وقطره (30سم) بسرعة 2.3 (ماخ)، وبحمولة تفجيرية لا تقل عن 200كجم لديه نظام تحكم لإصابة الهدف، وهو يشبه صورايخ الحوثيين من نوع (بدر-F) الذي لا يزال بدائيا بعض الشيء كونه بدون رأس متشظي حيث تم وضع الشظايا في الراس على شكل مكعبات حديدية، ويبدو أنه لم يصنع محليا كما يدعي الحوثيون، بل دخل مجزء وأطلق من منصة أرضية ". وتشير معلومات أبعاد إلى أن نظام التحكم في الصاروخ تحطم في الانفجار لذلك كان من الصعب الحصول على أدلة واضحة حول مصدر صناعة الصاروخ، لكن الحوثيين يستعرضون بقدرتهم على انتاج أجيال من هذا النوع[2].
،، الصاروخ الذي استهدف معسكر الاستقبال بالستي من نوع بدرF الذي يمتلكه الحوثيون ،، |
الهجوم على فرضة نهم والجوف
كما أن سيطرة الحوثيين على الجوف يكسبهم حدوداً جديدة مع المملكة العربية السعودية، إذ ترتبط الجوف بحدود مع "نجران" السعودية (تبعد مدينة الحزم 150 كم عن الحدود السعودية). ومن خلال حسابات الأمن القومي للسعودية قد لا تطول سيطرة الحوثيين على الجوف وقد تعود المعارك كما كانت إلى حدود صنعاء الجبلية كون الجوف منطقة مفتوحة من السهل على الطيران حسم المعارك فيها، وفي حال ثبتت جماعة الحوثي اقدامها فعليا في الجوف فإن تلك الحدود الطويلة تكون مهددة، ما قد يعيد إلى الذاكرة صورمعسكرات جماعة الحوثي التي نفذت مناورات واستعراض بالسلاح على الحدود السعودية بعد سقوط العاصمة صنعاء وقبيل انطلاق عاصفة الحزم.
،، في حال ثبتت جماعة الحوثي اقدامها فعليا في الجوف فإنها كسبت حدودا جديدة مع السعودية تجعلها مهددة باستمرار ،، |
عوامل دعمت الحوثيين في التقدم والسيطرة :
،، وصول جماعة الحوثي إلى الجوف الحدودية ينقل الحرب في اليمن إلى مسار جديد، يجعل من الحوثي أكثر تفوقا في اي مفاوضات، فارضاً محددات أكثر دِقة حول المرحلة القادمة، مالم تكن هناك ردة فعل حكومية/سعودية مختلفة ،، |
الأهداف السياسية للحوثيين الدافعة للتقدم:
ظل تقدم الحوثيين باتجاه منطقة نهم، وأجزاء من منطقة صرواح التابعة لمأرب ومحافظة الجوف، أمام القوات الحكومية ضمن التقارير المرفوعة حول تحركاتهم لكن لم يتم تعزيز تلك الجبهة، في حين تفرغت الحكومة الشرعية لخلافاتها مع "المجلس الانتقالي الجنوبي" المدعوم من الإمارات[19]. كانت الإمارات بالفعل قد سحبت دفاعاتها من صرواح وعلى تخوم مدينة مأرب في يوليو/تموز2019م مع إعلانها الخروج من اليمن. يعزز تقدم الحوثيون باتجاه محافظتي الجوف ومأرب موقفهم التفاوضي في أي مشاورات جديدة تدفع باتجاهها الأمم المتحدة. كما أن ذلك يعزز موقفهم التفاوضي مع المملكة العربية السعودية باستهداف أخر معاقل الحكومة الشرعية في شرق اليمن مع سيطرة "المجلس الانتقالي الجنوبي" الموالي للإمارات وتهديده الحكومة الشرعية في باقي المحافظات الشرقية والجنوبية.
بسيطرة الحوثيين على معظم محافظة الجوف تم تأمين معقلهم الرئيس "صعدة" و"عمران"، وبالسيطرة على أجزاء واسعة من "فرضة نهم" تمكنوا من تأمين محافظة صنعاء. كما أن الحوثيين يسعون إلى ضم محافظة الجوف إلى إقليم آزال الخاضع لسيطرتهم قبل دخول المشاورات القادمة لضمان تغيير مخرجات الحوار الوطني[20]. فما جرى تحقيقه على الأرض يزيد موقف الحوثيين التفاوضي إذا لم يحدث تطور جديد يمكن الحكومة الشرعية من تعزيز وجودها العسكري.
قد يندفع الحوثيون نحو "مدينة مأرب" لكن للسيطرة على مناطق النفط في "صافر" حيث يشير قيادي حوثي إلى ضرورة الحصول على مناطق الغاز في محافظة مأرب بدلاً من المدينة. ويعيش في مدينة مأرب أكثر من مليوني نسمة معظمهم نزحوا من مناطق سيطرة الحوثيين.
كما أن فقدان الحكومة الشرعية لمراكز قوتها القبلية في محافظتي الجوف ومأرب، يمكن المملكة العربية السعودية من ممارسة الضغوط عليها للقبول بصفقة قد تتمكن من عقدها مع الحوثيين في مشاورات مسقط.
تداعيات التطورات العسكرية على الملفات اليمنية المفتوحة
أدت التطورات العسكرية الأخيرة إلى تأُثير عديد من الملفات المفتوحة داخل البلاد مثل "اتفاق ستوكهولم"، "اتفاق الرياض"، "المشاورات مع السعودية".
أ. اتفاق ستوكهولم
أدت التطورات العسكرية في المحافظات الثلاث إلى اعتبار "اتفاق ستوكهولم" تجاوزه الزمن والأحداث. جرى توقيع الاتفاق في ديسمبر/كانون الأول 2018م. وقدمت الأمم المتحدة والرعاة الدوليون آملاً بتنفيذه في موعده المحدد (ديسمبر/كانون الأول 2018 و يناير/كانون الثاني2019) وكان من المقرر أن تبدأ جولة مشاورات جديدة في نهاية يناير/كانون الثاني2019 عدم تحقيق أي تُقدِّم في اتفاق ستوكهولم (وقف إطلاق النار وإعادة الانتشار في الحديدة، تفاهمات تعز، الإفراج عن الأسرى والمعتقلين) قرر الحوثيون والحكومة بتأييد من المبعوث الدولي عدم الحضور لجولة جديدة من المشاورات. واستمر ذلك طوال تلك المدة فلم تعقد مشاورات بين الطرفين حتى نهاية فبراير/شباط2020م.
وسط التطورات العسكرية في المحافظات الثلاث تحدث المبعوث الأممي مارتن غريفيث والسفير البريطاني مايكل آرون أن "ستوكهولم" تجاوزه الزمن. و"أصبح هناك حاجة اليوم لاتفاق سياسي شامل يوقف الحرب في كل الجبهات وإن اتفاق ستوكهولم كان جيداً في وقته (..) الواقع تغير اليوم"[21].
منذ البداية كان من الواضح أن الحوثيين لا يريدون التخلي على مدينة الحديدة ولا الموانئ لصالح قوات أمن غير مضمونة الولاء كما أن الحكومة اليمنية لن تثق حتى بالقوات التي كانت موجودة في عام 2014م.
ما يشير إلى أن تنفيذ "اتفاق الحديدة" كان بعيد المنال، هو عدم إحراز تقدم في التنفيذ على الرغم من استمرار لجنة إعادة الانتشار المشتركة في اجتماعاتها منذ مطلع 2019 على متن سفينة تابعة للأمم المتحدة في البحر الأحمر، بسبب عدم قدرة الطرفين على الوثوق ببعضهما لعقد اجتماع في مدينة الحديدة.
في فبراير/شباط 2020 أعلنت الأمم المتحدة عن اتفاق الجانبين على خطة تفصيلية لإتمام أول عملية تبادل أسرى ومحتجزين، بمن فيهم جنود سعوديون وسودانيون. وينص الاتفاق الجديد على إطلاق سراح أكثر من 1400 من الأسرى والمعتقلين لدى الحكومة والحوثيين في المرحلة الأولى تتبعها جولات أخرى حتى الانتهاء من تبادل كافة الأسرى من الطرفين والذين يقدر عددهم بأكثر من 16 ألف أسير ومعتقل كان الطرفان قد تبادلا معلوماتهم بعد توقع الاتفاق. يستمر الطرفان في الاجتماعات بعمان -حتى كتابة هذا التقرير (3مارس /شباط2020). ورغم الآمال العالية من الطرفين بالتنفيذ وإمكانيته إلا أن فقدان الثقة بين الطرفين قد يعرقل إتمام الصفقة.
بشأن "تفاهمات تعز" فلم يحدث أي تقدم لرفع الحصار الذي يفرضه الحوثيون على المدينة منذ مطلع 2016م. وتسبب ذلك بأزمة إنسانية لأكثر من 600 ألف نسمة بداخلها، يكافحون من أجل البقاء، وتنقل معظم المواد الغذائية عبر طرق فرعية وعرّة أو عبر طريق جبلية خطرة تربط المحافظة بمدينة عدن عاصمة البلاد المؤقتة، وتتعرض في العادة لقصف الحوثيين.
دفع عدم التنفيذ مبعوث الأمم المتحدة إلى التراجع عن استراتيجيته بحل الأزمة اليمنية وفق خطته "خطوة خطوة عبر عدة اتفاقات" للبحث عن اتفاق شامل بين الطرفين، لكن يبدو أنه سيجمع الكثير من الأطراف وليس الحوثيين والحكومة الشرعية وحدهما وهو ما دفع الحوثيين لتعزيز قوتهم ليظهروا كطرف مهيمن على أي مشاورات متوقعة.
بعد مشاورات سرية برعاية سعودية تم في الخامس من نوفمبر/تشرين الثاني 2019 توقيع اتفاق رسمي بين الحكومة الشرعية والمجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من الإمارات بحضور الرئيس اليمني وولي عهد أبوظبي وولي العهد السعودي، لإنهاء حالة التمرد التي حدثت في أغسطس/آب2019 وسيطر حلفاء الإمارات بموجبها على محافظة عدن وأجزاء من محافظة أبين المجاورة بعد معارك مع القوات الحكومية. وفشلوا في السيطرة على محافظة شبوة الغنية بالنفط. ويتكون الاتفاق من أربع صفحات (ديباجة وثلاثة ملحقات سياسية واقتصادية، وترتيبات أمنية، وترتيبات عسكرية)، ويقوم الاتفاق وفق جدول زمني محدد يبدأ مع توقيع الاتفاق (الخامس من نوفمبر/تشرين الثاني2019) وينتهي في (5فبراير/شباط 2020).
العناصر الرئيسية لهذا الاتفاق تتمثل في: نقل جميع العناصر المسلحة ومعداتها إلى مواقعها السابقة -أي أوائل عام 2019 – دمج جميع الأفراد العسكريين والأمنيين في وزارتي الداخلية والدفاع، وتشكيل حكومة جديدة لا يزيد عدد أعضائها عن 24 من بينهم 50٪ من الجنوبيين يوجد أكثر من نصف الأعضاء في الحكومة الحالية من جنوب البلاد[22].
ولم يتم تحقيق أي تقدم في الاتفاق على الرغم من الإشراف السعودي المباشر، ومن الصعب إخفاء أي تقدم في الاتفاق بالنظر إلى بنوده. وغادر "المجلس الانتقالي الجنوبي" من لجان سحب الأسلحة في فبراير/شباط2020. في وقت عاد فريق الحكومة إلى الرياض بعد أن مكث عدة أشهر في "قصر معاشيق" بعدن لعقد اجتماعات وصرف الرواتب للموظفين دون نزول إلى الأرض الذي يخضع بالفعل لسيطرة حلفاء الإمارات.
لماذا ينهار اتفاق الرياض؟!
إن التصعيد العسكري الحوثي في محافظات شرق اليمن يهدد "محافظة شبوة" المجاورة لمحافظة مأرب، كما يهدد بوصولهم إلى "وادي حضرموت"، ويجعل من وصول مسلحيهم إلى "المحافظات الجنوبية" أسرع بكثير من الجبهات الأخرى في محافظة البيضاء التي تحد "مأرب، وأبين، وشبوة". أو من محافظات "لحج" و"الضالع" حيث تعاني جماعة الحوثي من الوصول إلى المحافظات الجنوبية. كما أن عدم الثقة المتبادلة بين القوات الحكومية والمجلس الانتقالي الجنوبي يجعل من الدفع بالقوات الموجودة جنوب البلاد والتي تزيد بكثير عن 100 ألف مقاتل للطرفين صعباً إذ سيخشى كل طرف سيطرة الأخر على المواقع التي تحت يديه، ما يهدد بالفعل بقاء "اتفاق الرياض" ويخلق معادلة جديدة يظهر فيها التحالف الذي تقوده السعودية وحلفاؤه المحليين في وضع حرج قد يجبر السعودية على التفاوض مع الحوثيين تحت شروط وهيمنة حوثية. بعكس ما كانت تريده المملكة بدفع الحوثيين إلى المشاورات تحت الضغط العسكري لتحقيق استجابة حوثية للشروط السعودية.
كما أن "اتفاق الرياض" ينص على أن يكون للمجلس الانتقالي الجنوبي ممثلين في "أي مشاورات سلام شاملة" مع الحوثيين، لكن انهيار الاتفاق يجعل من تمثيلهم في أي مشاورات تقودها الأمم المتحدة غير ممكناً من وجهة نظر الحكومة اليمنية التي تشترط تنفيذ متسلسل للاتفاق.
،، حادثة قصف "معسكر الاستقبال" في مأرب زادت من فقدان الثقة الحكومية بالتحالف وكان هناك استفهام حول أسباب سحب منظومة الدفاع عن المعسكرات الحكومية هناك ،، |
بعد نحو أسبوع من الغارات التي استهدفت "أرامكو" في بقيق (14 سبتمبر/أيلول2019) واتهام إيران بالضلوع في العملية من قِبل السعودية والولايات المتحدة؛ أعلن الحوثيون عن مبادرة من طرف واحد تنص على وقف الجماعة للهجمات بطائرات دون طيار والصواريخ الباليستية على المملكة العربية السعودية، مقابل وقف السعودية للحرب ووقف ما أسموه "الحصار" في إشارة إلى آلية الأمم المتحدة للتفتيش التي نص عليها القرار (2216).
جرت المشاورات بصورة غير مباشرة تحت رعاية أمريكية وعُمانية، على إثر ذلك:
دخول السعودية المفاوضات مع الحوثيين كان أبرز حدث خلال أعوام الحرب الماضية، وتهدف السعودية للتوصل إلى “تهدئة دائمة” على الحدود وبعض المناطق فيما يرى الحوثيون ضرورة الوصول إلى “حل شامل” يوقف التدخل السعودي الداعم للحكومة الشرعية ويعترف بالحوثيين كطرف أقوى. وتحدثت مصادر أن السعوديين يريدون وقف إطلاق النار في أربع مناطق بينها العاصمة صنعاء.
ونتيجة لتباعد الأهداف بين الطرفين، هدأت المشاورات بين الحوثيين والسعودية في سلطنة عمان خلال ديسمبر/كانون الأول2019 وعاد الحوثيون إطلاق الصواريخ الباليستية على السعودية. وتزايدت الهجمات الحوثية على الحدود. وأعلنت السعودية عن مقتل 11 جندياً خلال الأسبوعين الأولين من ذلك الشهر[30]. لتعود المفاوضات مجدداً في يناير/كانون الثاني2020م لكن يبدو أنها توقفت ايضا، حيث عاد الحوثيون لاستهداف السعودية بشكل أعنف ووصول الصواريخ مجدداً لمنشآت النفط السعودية في "ينبع[31]".
،، دخول السعودية المفاوضات مع الحوثيين كان أبرز حدث خلال أعوام الحرب الماضية للتوصل إلى تهدئة لكن الحوثيين يرونها ضرورة للإعتراف بهم القوة الأكبر ،، |
اندفع الحوثيون نحو "نهم" و"الجوف" و"مأرب" مع توقف تلك المشاورات، يحاول الحوثيون دفع المملكة العربية السعودية إلى التفاوض باسم الحكومة اليمنية ومستقبلها وهو أمر استمر السعوديون رفضه خلال تلك المشاورات الخلفية التي استمرت أسابيع.
يندفع المجتمع الدولي بما في ذلك بريطانيا حاملة قلم اليمن في مجلس الأمن، إلى إعادة تنشيط تلك القناة في ظل مجيئ سلطان جديد لسلطنة عمان. وزار وزير الخارجية البريطاني دومينك راب مطلع مارس/أذار2020 السعودية وسلطنة عمان للقاء المسؤولين اليمنيين والعُمانيين والسعوديين في محاولة لإعادة تفعيل تلك المشاورات الخلفية في ظل تهديد الحوثيين لأخر معاقل الحكومة شرق البلاد.
يعتقد المسؤولون السعوديون أن المهم الآن هو "حماية حدودها وأراضيها وتحسين اقتصادها" فيما يبدو أنه توجه نحو الأولويات الداخلية. وتندفع بذلك الحكومة السعودية نحو استجابة للأوضاع السياسية والاقتصادية التي تمر بها المملكة بسبب انخفاض أسعار النفط وحالة من الركود الاقتصادي الذي يتضرر فعلاً بهجمات الحوثيين. وبالنسبة لموقفها من الحكومة اليمنية فيعتقد السعوديون أن هناك حاجة لتحقيق الاستقرار في اليمن "عبر حكومة يمنية تدير مؤسساتها وتحمي حدودها وأراضيها". وهو تغيّر عن إجابات سابقة سعودية بتحديد الحكومة الشرعية كشرط الدعم الأساسي لها. لا تريد السعودية استخدام الأراضي اليمنية من قِبل إيران أو دول أخرى بشكل مباشر أو غير مباشر لتهديد أمنها أو أمن ممر التجارة العالمي عبر البحر الأحمر[32]. لكن حتى لو وعد الحوثيون بوقف التعاون مع إيران فمن الصعب أن تجد السعودية أداة قياس جديدة تمكنها من قياس مدى ابتعاد الحوثيين عن النظام الإيراني الذي يعتبر الحوثيين أحد أدواته.
،، تتجه الرياض إلى أولويات داخلية اقتصادية وأمنية وترى من الضرورة حماية حدودها بالتعاون مع حكومة يمنية قوية وهو ما يعد تراجعا عن شرط الشرعية التي قادت من أجلها التحالف العربي ،، |
[1] تأسس المجلس الانتقالي الجنوبي في عام 2017، بعد ذلك زادت دولة الإمارات العربية المتحدة دعمه وتقود مليشيات متعددة لدعمه. ويعزى ذلك إلى حد كبير إلى رغبة دولة الإمارات في التأثير على جنوب البلاد والموانئ على طول ساحل اليمن الجنوبي، والتي تعد أساسية لاستراتيجيتها للسيطرة على الطرق البحرية المحيطة بشبه الجزيرة العربية.
[2] حصل باحثو "أبعاد" على المعلومات من خلال تتبع التحقيقات الرسمية ومصادر من داخل الجيش اليمني.
[3] يقول قادة عسكريون أن الجبهة كانت تعاني من هجرة الجنود، وأن كل لواء لم يعد فيه سوى كتيبة فعلية ، كما أن هذه الألوية غير موجودة كلها وهناك حوالي 15 ألف جندي استقطبهم التحالف من الجبهة إلى ألوية الحدود .
[4] تحدث قائدان عسكريان تابعان للحكومة الشرعية مطلعان على تفاصيل المعركة لـباحث مركز أبعاد في 20 فبراير/شباط2020م
[5] تستند الجماعة في فكرها إلى ما بات يعرف بـ"الهاشمية السياسية" وهي العائلات التي تدعي أنها من نسل الصحابي علي بن أبي طالب الذي تزوج "فاطمة" ابنة نبي الإسلام محمد ويعتقدون أن لهم الحق في السلطة وقيادة البلاد ينتمي الحوثيون إلى هذه العائلات، ويعيش في قرى الغيل بعض فروع تلك العائلة التي انقسمت بالفعل بين الحوثيين والحكومة الشرعية، كما حدث في معظم العائلات. وتعتبر مديرية "الغيل" معقلاً فكرياً قديماً للفكرالزيدي.
[6] مسؤولان عسكريان تحدثا ل"الفرنسية" و"اسوشيتد برس" http://www.yemenmonitor.com/Details/ArtMID/908/ArticleID/36356
[7] حصلت وحدة الرصد في مركز أبعاد على وثيقة من وزارة الدفاع السعودية تتضمن رسالة موجهة لقائد قائد القوة السعودية في مأرب "علي العنزي" برقم (4632) تشير إلى برقية قائد خلية العمليات الخاصة المشتركة والمبنية على برقية قائد القوات البرية بشان أي توجيهات عملياتية في مسرح العمليات من قائد العمليات المشتركة تعنبرها البرقية أنها توجيهات من الرئيس هادي بدء من يوم الأحد 13 مايو 2018.
[8] في يوليو/تموز 2019 صدر قرار الرئيس عبدربه منصور هادي تعيين اللواء صغير حمود عزيز قائداً للعمليات المشتركة للقوات خاصة مع عدم وجود منصب في هيكلة الجيش يحمل هذه الصفة. يقول قادة عسكريون حاليا تحاول السعودية دعم ابن عزيز وأوعزت له بشكل أوسع وأكبر حيث وجهت دعمها نحوه وأوعزت له بدء التواصل مع القبائل للحصول على مقاتلين يتم تجنيدهم عبره ليشكل منهم لواء أو أكثر يكون تحت إمرة العمليات المشتركة التي يري السعوديون أنها أي العمليات المشتركة لم تتمكن من فرض سلطتها على مناطق وألوية الجيش المختلفة.
[9] مصدر قال لأبعاد أن مبلغ التسليح المقدربعشرة مليون دولار يتم تسليمه لضابط في الجيش مكلف من قيادة الحماية الرئاسية، فيما يقول ضباط يمنيين ليس هناك أموال للتسليح وأن هناك بعض الأسلحة المتوسطة تم إدخالها للمخازن ثم استهدف الكثير منها بشكل دراماتيكي.
[10] يبررقادة في التحالف من عدم دعم الجيش اليمني باسلحة نوعية حتى لا يتكرر ما حصل أثناء تحرير المحافظات الجنوبية، حيث كشقفت تحقيقات صحفية عن تسرب اسلحة امريكية زود بها الجيشين الاماراتي والسعودي إلى أيدي جماعات مسلحة وإرهابية .
https://edition.cnn.com/interactive/2019/02/middleeast/yemen-lost-us-arms/
[11] أخر مرتب استلمه الجنود في نهم هو مرتب شهر سبتمبر/أيلولمن العام 2018م وتم تسليمه في مطلع عام 2019م.
[12] تحدث القادة العسكريون في التقرير شريطة عدم الكشف عن هوياتهم. وقال القائد العسكري إن قائداً ميدانياً في المنطقة اعترض انسحاب التعزيزات بسلاحه على الخط السريع وتفاجأ بوجود " القائد العسكري " في السيارة الأولى المغادرة وأبلغه بأن هناك أوامر بالانسحاب، لم يتمكن "أبعاد" من الوصول إلى ذلك القائد بعد إقالته من منصبه.
[13] جرى التعيين في 28 يناير/كانون الثاني 2020 لم يصدر في القرار أسباب الإقالة.
[14] تحدث جنديان كانا أخر المغادرين من المنطقة أن القِتال استمر في "ميسرة نهم" حتى انسحابهم مطلع فبراير/شباط 2020 وأن الحوثيين استمروا بدفع التعزيزات فيما انسحبت القوات الحكومية وانقطاع الاتصالات وتمكنهم من البقاء متخفين لعدة أيام حتى تمكنوا من العودة إلى مدينة مأرب.
[15] وزير الدفاع ترأس اجتماعاً لقيادات عسكرية في مأرب وتحدث عن "انسحاب تكتيكي" لبعض الوحدات في جبهة نهم .
[16] تحدث القادة العسكريون شريطة عدم الكشف عن هوياتهم.
[17] كشف عن ذلك رئيس التوجيه المعنوي السابق محسن خصروف في مقابلة مع تلفزيون بلقيس/ برنامج هذا المساء يوم الأحد (الأول من مارس/أذار2020).
[18] برقية في 26 فبراير/شباط 2020 يشكو منها "العكيمي" من قوات عسكرية يقودها قائد لواء القوات الخاصة"محمد الحجوري" من عدم تنفيذ خطط الدفاع والهجوم، بعد أيام تمكن الحوثيون من السيطرة على "مركز محافظة الغيل" ، لكن الحجوري نفي في بيان للواء مدعيا ان قواته تعرضت للطرد ونهب مخازنها، تقول معلومات عسكرية انسحاب تلك القوات وقوات محسوبة على ألوية الحدود المدعومة من السعودية بقيادة رداد الهاشمي مكن الحوثيين من القيام بالتفاف سريع كما أفاد قائد عسكري بارز لـ"باحث مركز أبعاد للدراسات والبحوث".
[19] علم باحثو مركز أبعاد للدراسات والبحوث من قادة عسكريين مطلعين على تلك التقارير أن هيئة الأركان وقيادة وزارة الدفاع والتحالف العربي كانت على عِلم بتحركات الحوثيين، ومع حدوث التفاف الحوثيين كان وزير الدفاع اليمني موجوداً في مصر لحضور فعالية حكومية، بعد حديث عن تغيير حكومي وفقاً لـ"اتفاق الرياض" بين الحكومة والمجلس الانتقالي والذي ترعاه السعودية.
[20] تشير مخرجات الحوار الوطني إلى أن محافظة الجوف جزء من إقليم سبأ (الجوف، مأرب، البيضاء) فيما محافظة صعدة معقل الحوثيين تأتي في إقليم آزال (صعدة، صنعاء، عمران، ذمار) وهو إقليم بلا موارد اقتصادية أو منفذ بحري وهو ما يحاول الحوثيون الحصول عليه. وأحد الأسباب التي أعلنتها الجماعة لإسقاط الحكومة في سبتمبر/أيلول2014. انتهى مؤتمر الحوار اليمني مطلع 2014 بعد أن استمر 9 أشهر.
[21] بريطانيا تلمح إلى انتهاء "اتفاق ستوكهولم" http://www.yemenmonitor.com/Details/ArtMID/908/ArticleID/36181
[22] لقراء بنود الاتفاق وتحليل ذلك الاتفاق يمكن الاطلاع على ورقة أبعاد بعنوان: اتفاق الحكومة والانفصاليين.. الطريق إلى السلام في اليمن على ركام السيادة https://abaadstudies.org/news-59822.html
[23] وزير الداخلية اليمني يطالب التحالف بالتوضيح بشأن قصف مأرب ويشدد على الندية-الجزيرة نت https://cutt.us/kkJe4
[24] خفر السواحل ترفض دخول أي قوة أخرى لحماية الموانئ في عدن وتؤكد جاهزيتها للقيام بالمهمة-المصدر اونلاين https://cutt.us/0Qypa
[25] عسكري يمني كان يرافق اللجنة السعودية في يناير/كانون الثاني 2020م تحدث لباحث مركز أبعاد للدراسات والبحوث في 15 فبراير/شباط2020م.
[26] تقرير سري لفريق الحكومة اليمنية أطلع عليه "مركز أبعاد للدراسات والبحوث".
[27] اثنان من القادة العسكريين التابعين للحكومة اتصل بهم باحث ب"مركز أبعاد للدراسات والبحوث" لمعرفة ما الذي سيحدثه مثل هذا التغيير مساء 26 فبراير/شباط2020م.
[28] تأسس في ابريل/نيسان2019 ويضم عشرات الشخصيات الجنوبية الكبيرة وتدعمه الحكومة اليمنية ويعتقد أن اليمن الاتحادي من ستة أقاليم هو الأنسب.
[29] تأسس في 2019 ويضم مجموعة ائتلافات وشخصيات جنوبية بعضها تطالب بالانفصال والأخرى ب"اليمن الاتحادي"، وتأسس هذا الكيان رفضاً للوجود السعودي والإماراتي المتعاظم في المحافظات الجنوبية.
[30] رصد خاص لوحدة الرصد التابعة لـ"مركز أبعاد للدراسات والبحوث" حسب الإعلانات الرسمية السعودية.
[31] Yemen’s war is escalating again https://www.brookings.edu/blog/order-from-chaos/2020/02/26/yemens-war-is-escalating-again/
[32] أجاب مسؤول سعودي بارز متعلق بالملف اليمني عن تساؤلات عدة طرحها مركز أبعاد للدراسات والبحوث في منتصف فبراير/شباط2020 قبل سيطرة الحوثيين على "مدينة الحزم" في الجوف.